أعراض الحمل في الشهر السادس
يُمثّل الشهر السادس من الحمل المرحلة الأخيرة من الثلث الثاني، وهو من الفترات الحرجة التي يشهد فيها جسم المرأة الحامل تغيّرات جسدية ونفسية متسارعة، بالتزامن مع نمو ملحوظ للجنين داخل الرحم. يكتسب الجنين خلال هذا الشهر المزيد من الوزن، وتتطور أعضاؤه بشكل كبير، ويبدأ بتكوين بصماته الفريدة، كما تبدأ حواسه بالاستجابة للمؤثرات الخارجية كالصوت والضوء. وفي هذه المرحلة، تزداد حدة الأعراض التي تعاني منها الأم مقارنة بالأشهر السابقة، مما يتطلب انتباهاً دقيقاً لصحتها الجسدية والنفسية، واستعداداً لمواجهة التحولات القادمة في الثلث الثالث. في هذا المقال، سيتم تناول أعراض الحمل في الشهر السادس بالتفصيل، مع التركيز على أبرز التغيرات التي تطرأ على جسم الحامل ونفسيتها، وكيفية التعامل معها بطريقة صحية وآمنة.
أولًا: التغيرات الجسدية الرئيسية
1. زيادة واضحة في حجم البطن
مع تطور نمو الجنين، يبدأ الرحم في التوسع بشكل ملحوظ، ويظهر ذلك من خلال بروز البطن للأمام. تصبح حركة الجنين أكثر وضوحاً، وتزداد شدتها، ويمكن أن تشعر بها الأم أكثر من مرة في اليوم. وقد يلاحظ البعض أن شكل البطن يصبح أكثر استدارة وثباتاً، ما يدل على النمو السريع للجنين.
2. زيادة في الوزن
تتراوح الزيادة الطبيعية في وزن الحامل خلال الشهر السادس بين 5 إلى 7 كيلوغرامات منذ بداية الحمل. يعود ذلك إلى عوامل متعددة، منها نمو الجنين والمشيمة والسائل الأمينوسي، بالإضافة إلى احتباس السوائل وتراكم الدهون استعداداً للرضاعة. يتوزع الوزن المكتسب عادة في مناطق الفخذين والوركين والثديين، ما قد يؤدي إلى الشعور بثقل الجسم.
3. ألم الظهر وأسفل الحوض
بسبب تغير مركز ثقل الجسم، يزداد الضغط على أسفل الظهر ومنطقة الحوض، مما يسبب آلاماً قد تكون حادة في بعض الأحيان. ويؤثر ذلك على قدرة الحامل على الحركة، خاصة بعد الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة. يوصى باستخدام وسائد دعم للظهر وتجنّب الأحذية ذات الكعب العالي لتخفيف هذه الآلام.
4. تورم القدمين والكاحلين
نتيجة لزيادة حجم الدم واحتباس السوائل، تُصاب الحوامل في الشهر السادس بتورم معتدل في القدمين والكاحلين، خاصة في نهاية اليوم. ويُعتبر هذا عرضًا شائعًا وغير مقلق ما دام التورم بسيطًا ولا يصاحبه ارتفاع في ضغط الدم أو ألم شديد. يُنصح برفع القدمين عند الراحة وشرب كميات كافية من الماء يومياً.
5. حموضة المعدة وعسر الهضم
يتسبب ارتفاع مستوى هرمون البروجسترون في ارتخاء عضلات الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى إبطاء عملية الهضم وارتداد أحماض المعدة نحو المريء. هذا ينتج عنه شعور بالحموضة، خاصة بعد تناول وجبات دسمة أو قبل النوم. يمكن التخفيف من هذا العرض عبر تقسيم الوجبات إلى كميات صغيرة وتجنّب الأطعمة المقلية والتوابل.
ثانيًا: التغيرات الهرمونية وأثرها على الجسم
1. زيادة نشاط الغدد العرقية والدهنية
يزداد إفراز العرق والزيوت الطبيعية من الجلد بفعل النشاط الهرموني المتصاعد، ما قد يؤدي إلى ظهور حب الشباب أو الطفح الجلدي. كما تشهد بعض النساء تصبغات جلدية في أماكن معينة مثل الوجه (الكلف) أو البطن أو حول الحلمات.
2. تغيرات في الثديين
يستمر الثديان في التضخم ويزدادان صلابة، وتظهر الأوردة بشكل واضح بسبب زيادة التروية الدموية. قد يبدأ إفراز مادة اللبأ (السائل الأصفر المغذي قبل الحليب)، مما يُعدّ تمهيدًا للإرضاع بعد الولادة. كما تصبح الحلمات والهالة المحيطة بها أكثر قتامة وحساسية.
3. زيادة نمو الشعر والأظافر
نتيجة لتحسن الدورة الدموية وزيادة التغذية الواصلة إلى أطراف الجسم، يُلاحظ تسارع نمو الشعر في أماكن متعددة من الجسم، كما تصبح الأظافر أكثر سمكاً وأسرع نمواً. لكن بعض النساء يعانين من هشاشة مؤقتة في الأظافر.
ثالثًا: التغيرات النفسية والمزاجية
1. تحسن الحالة النفسية العامة
غالبًا ما تكون الحالة النفسية خلال الشهر السادس أفضل مقارنة بالأشهر الأولى من الحمل. حيث تقل حالات الغثيان والإرهاق المزمن، وتزداد الطاقة والنشاط، مما يمنح الحامل شعورًا عامًّا بالراحة والتفاؤل.
2. القلق المتعلق بالولادة والمسؤولية
رغم التحسن العام، تبدأ بعض النساء في الشعور بقلق نفسي يتعلق بالولادة المنتظرة، ومسؤوليات الأمومة، والتغيّرات العائلية المقبلة. وقد يرافق هذا القلق اضطرابات بسيطة في النوم أو تغيرات في المزاج، لا سيما مع قرب انتهاء الثلث الثاني من الحمل.
3. زيادة الرغبة الجنسية أو انخفاضها
تختلف هذه النقطة من امرأة لأخرى، فبينما تشهد بعض الحوامل زيادة في الرغبة الجنسية نتيجة لتحسن الدورة الدموية وزيادة إفراز الهرمونات، تعاني أخريات من تراجع ملحوظ بسبب التعب الجسدي والتوتر النفسي.
رابعًا: الأعراض المتعلقة بالجهاز البولي والتناسلي
1. زيادة التبول
نتيجة لضغط الرحم المتزايد على المثانة، تزداد الحاجة إلى التبول، خاصة أثناء الليل. ورغم ذلك، يجب التأكد من عدم وجود التهابات بولية عبر المتابعة الطبية المنتظمة، إذ تُعد العدوى البولية من مضاعفات الحمل الشائعة في هذه المرحلة.
2. إفرازات مهبلية بيضاء أو شفافة
تكون هذه الإفرازات طبيعية، وتُعتبر وسيلة للجسم لحماية المهبل من العدوى. إلا أن تغيّر لونها إلى الأخضر أو الأصفر أو ظهور رائحة كريهة يستوجب الاستشارة الطبية العاجلة، إذ قد يشير إلى وجود عدوى فطرية أو بكتيرية.
خامسًا: أعراض إضافية متفرقة
1. تشنجات عضلية في الساقين
تعاني الحامل في الشهر السادس من تقلصات مفاجئة ومؤلمة في عضلات الساق، وخصوصاً أثناء الليل. يعود ذلك إلى نقص المغنيسيوم أو الكالسيوم، أو بسبب ضعف الدورة الدموية. يمكن الوقاية من هذه التشنجات عبر تمارين الإطالة وتناول مكملات غذائية تحت إشراف الطبيب.
2. ضيق التنفس
مع ازدياد حجم الرحم، يبدأ بالضغط على الحجاب الحاجز والرئتين، ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس، خاصة أثناء بذل مجهود أو عند النوم على الظهر. يُوصى بالنوم على الجانب الأيسر وتحسين وضعية الجسم لتسهيل التنفس.
3. الإمساك والغازات
نتيجة لبطء حركة الأمعاء، تعاني العديد من النساء من الإمساك المزمن والغازات، مما يؤدي إلى شعور بالانزعاج. يُنصح بزيادة استهلاك الألياف الطبيعية وشرب الماء بكميات كافية للحفاظ على وظيفة الجهاز الهضمي.
جدول توضيحي لأهم الأعراض في الشهر السادس
| الفئة | الأعراض الشائعة |
|---|---|
| التغيرات الجسدية | زيادة الوزن – كبر البطن – ألم الظهر – تورم القدمين – حموضة المعدة |
| التغيرات الهرمونية | تصبغات جلدية – نمو الشعر – تضخم الثديين – إفراز اللبأ |
| التغيرات النفسية | تحسن المزاج – قلق من الولادة – تغير في الرغبة الجنسية |
| التغيرات البولية | تكرار التبول – إفرازات مهبلية شفافة أو بيضاء |
| أعراض إضافية | تشنجات الساق – ضيق التنفس – إمساك وغازات |
المراقبة الطبية الشهرية في الشهر السادس
في هذه المرحلة من الحمل، يتم عادة إجراء فحص دوري شهري يشمل:
-
قياس ضغط الدم ومتابعة الوزن
-
تحليل البول للكشف عن البروتين أو العدوى
-
فحص قياسات البطن ومتابعة نمو الجنين
-
التحقق من نبضات قلب الجنين بواسطة جهاز دوبلر
-
تقييم نشاط الجنين وحركاته اليومية
كما يمكن أن يتم خلال هذا الشهر تصوير موجات فوق صوتية (Ultrasound) إضافية لتقييم نمو الجنين بدقة، والتحقق من كمية السائل الأمينوسي، وموقع المشيمة، وتطور الأعضاء الحيوية.
توصيات غذائية وصحية للحامل في الشهر السادس
-
الحفاظ على نظام غذائي غني بالبروتينات، الحديد، الكالسيوم، والألياف
-
شرب كميات كافية من الماء (2-3 لترات يومياً)
-
ممارسة تمارين رياضية معتدلة مثل المشي أو اليوغا الخاصة بالحمل
-
استخدام وسائد دعم للظهر أثناء الجلوس أو النوم
-
تقليل الملح لتفادي احتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم
-
تجنب تناول الكافيين بكميات كبيرة
خاتمة
الشهر السادس من الحمل يُعد مرحلة محورية في تطور الحمل، حيث تستمر الأعراض بالتغير ويزداد العبء الجسدي والنفسي على الحامل. الفهم الجيد لهذه الأعراض ومتابعة الحالة الصحية بانتظام يسهم في الحفاظ على صحة الأم والجنين معاً، ويهيئ لانتقال سلس وآمن إلى الثلث الأخير من الحمل.
المراجع:
-
American Pregnancy Association – Pregnancy Symptoms Week by Week
-
Mayo Clinic – Pregnancy Week by Week Guide
